فى الواقع يوجد نوعين من القبالة - الكابالا- : الصوفية بمعناها الواسع والسحرية
وساورد هنا كمقدمة وكتعريف للكابالا حتى يمكن للشخص فهم ماذا تعنى قبل الدخول به لهذا العالم السحرى بطلاسمه وتراتيله وتعاويذه ؛ والتى يمكن بدون شك بواسطتها الاتصال بالقوى الكونية بل والتحكم بالعالم - كما يفعل اليهود الان - وهى اكثر عمقا من السحر اليهودى المجهد والمكلف
سابدا بالتعريفات المحددة فى هذا الجزء ؛ ثم ادخل فى هذا العالم الغامض والسرى والسحرى بجميع طلاسمه
-القابالا عنوان يجذب الناس إليه أحيانا , ويخيفهم في أحيانا أخرى.
لماذا تحيط بالقابالا هذه الهالة من الخرافات والأوهام ؟ من هؤلاء الأشخاص الذين يدرسون القابالا ؟ ما هي علاقة القابالا بالدين ؟
القابالا موجودة منذ آلاف السنين , لكنها في الوقت الحالي أصبحت مفتوحة لجميع الراغبين في دراستها , ولماذا كانت مستترة في الماضي ؟
وما هو سبب نشرها الآن ؟ نناقش في هذه المقالة المفاهيم المغلوطة التي تحول من اقتراب الناس لعلم القابالا.
الوهم الأول – لا يمكن دراسة القابالا قبل بلوغ الأربعين عاما ؟
الجواب – ابتدءا من عهد عالم القابالا ( أ ري ) , لا يوجد أي تحديدات أو موانع لدراسة القابالا. يستطيع دراستها الجميع بما في ذلك الأطفال والنساء , وقد أزيلت كل الموانع التي وضعها علماء القابالا في القرن XVI الميلادي , حيث كان المنع سابقا بسبب عدم التطور الإنساني اللازم لدراستها , وكان يتم اختيار الدارسين حسب معايير صارمة.
في هذا الوقت يشعر الملايين بالحاجة الملحة لدراسة القابالا. وأصبح من الصعب الوقوف بوجه هذه الحاجة الإنسانية. السعي إلى الخالق مغروس في قلب البشرية , وهذا السعي أصبح ظاهرا بشكل جلي. ويكمن ذلك في مدى رغبة الإنسان . فهذه الرغبة تقول أن الإنسان وصل إلى مرحلة نضوج , لا تستطيع كل الموانع من إيقافه.
وبالتحديد فان مفهوم ( ممنوع ) و ( لا يجب ) في القابالا يعني ( مستحيل ) , فلهذا فان مانع دراسة القابالا في واقع الأمر يعني الآتي ( لا تستطيع دراسة القابالا لأنه ليس لديك الرغبة ).
الوهم الثاني – تعتبر القابالا شعوذة من الديانة اليهودية , ترتبط في العادة مع معارف خفية وغير واضحة ؟
الجواب – القابالا في الترجمة من اللغة العبرية تعني ( استلام , حصول ) , أي , الحصول على معرفة خاصة , يتمكن أي شخص من الحصول عليها. لم يكن هذا العلم في يوم من الأيام سرا , بل انه ولد في بلاد ما بين النهرين قبل أربعة آلاف سنة في فترة البابليين. مؤسس القابالا هو احد سكان مدينة ( اور ) وهو سيدنا إبراهيم والذي فتح الباب أمام هذه المعرفة , والتي لا يستطيع الإنسان من خلال حواسه الخمسة التعرف عليها. استطاع سيدنا إبراهيم امتلاك هذه المعرفة وتكوين مجموعة من المقربين له , علمهم كيفية الوصول الجزء إلى المستتر من هذا العالم. منذ ذلك الوقت وهذه المعرفة السرية يتم توريثها من جيل إلى جيل عن طريق عدد قليل ومحدد من التابعين.
وكان يتم توصيلها شفويا من المعلم إلى الدارس. على مر العصور وحتى وقتنا الحالي كانت هناك حلقة ضيقة من دارسي القابالا. وعلى العكس من ذلك , تنتشر القابالا بشكل واسع في وقتنا الحالي , لان الإنسانية أظهرت الرغبة في معرفتها ودراستها والاستفادة منها على وجه الخصوص في الأزمة العالمية المقبلة.
الوهم الثالث – القابالا هي ديانة كباقي الديانات , يجب أن تؤخذ بشكل إيمان أعمى
الجواب – القابالا معاكسة تماما للإيمان الأعمى ولا تمت بأي صلة إلى الديانات أو أي معتقدات أخرى. القابالا هي عبارة عن تجربة فقط.
الإنسان يستقبل الواقع المحيط به , عن طريق تحليل المعلومات التي ترد إلى الدماغ والواردة من الحواس الخمس. ولدراسة العالم المحيط بنا , والذي لا يمكن إدراكه بالطريقة التقليدية التي نستشعر بها , يجب أن ننمي الحاسة السادسة للاستشعار. بمساعدة هذا اللاقط الإضافي , يبدأ الإنسان الشعور بهذا الجزء المستتر من الكون وبالتالي دراسته بحسب قوانين وصيغ علمية مثل أي علم آخر 0 ولتكون النتيجة أكيدة يستخدم دارسي القابالا طريقة تكرار التجربة , وتوصيل المعلومات من دارس إلى آخر. الاختلاف الوحيد بين دارس القابالا والعالم في المجالات الأخرى هو أن دارس القابالا قبل بدء البحث يجب عليه أن ينمي حاسة الاستشعار السادسة في داخله.
ــــــــــــــــــــ
في ضوء القبّاله
دعونا نتكلّم عن الضوء . ماذا نشعر حينما نفكّر في كلمة " الضوء " ؟ الضوء ، إنّما هو الخروج من الظلام . الضوء هو الفرح والبهجة . الضوء هو الشعور بالمحبّة . ولا عجب إنّنا نفكّر هكذا ، لأنّ الضوء – حسب حكمة القبّالة - هو المصدر لكلّ الطيّب والخير في الخليقة .
الضوء هو القوّة الفعّالة ما قبل الخليقة ، بل هو الّذي خلقها . وقد قال الحاخام القبّالي اسحاق لوريه أشكنازي ، الملقّب اللأري ، في كتابه " شجرة الحياة " : إعلم أنّه قبل أن يُلهم المُلهَمون وقبل أن تُخلق المخلوقات ، كان هناك النور النور اللاّنهائي الأزلي الّذي يملأ الوجود" .
والضوء هو القوّة الفعّالة الّتي تفعل فعلها حسب قاعدة بسيطة وهي : الإعطاء ، والإعطاء فقط . الضوء خلقنا لكي يمنحنا الخير المُطلق والأبدي . والقبّاليّون الّذين حصلوا على الخيرالمُطلق والأبدي يقولون أنّ الضوء حاضر لكي يمنحنا في كلّ لحظة الوفرة والغزارة والمتعة الّلانهائّية ولكنّنا لا نعرف كيف نتسلّم هذه الحسنات . ولكي نعرف كيف نتسلّمها ، أعطانا القُبّاليّون خطّة القبّالة .
المتعة المنتهية ، المتعة الباقية
سُؤال : ما هو العامل المُشترك لإبن عمّ زوجتك وللسارق والمُجرم ؟ والجواب : إنّنا جميعاََ ، شاننا شأن سائر من يعيش في هذا العالم ، نرغب لأنفسنا الخير . لماذا ؟ لأنّ الضوء خلقنا على هذا النحو . وعندما يضيء لنا النور الأبدي فهو يجذبنا إليه فوراًً ، ونحن نشعر به في طريقنا إليه. وعلى سبيل المثال : ألإنسان الّذي يبني بيته في الريف ، يمتلأ بالسعادة بمجرّد التفكير في الهدوء والزهور في حديقة البيت ، وكلّ ذلك يتمّ قبل أن يُبنى الحائط الأوّل .
والمشكلة في المتعة هي أنّها تتهرّب من بين أيدينا وبعد ذلك نشعر بعدم الترضية وبالنقصان , " كلّ الأنهار تجري إلى البحر والبحر ليس بملآن " ( الجامعة ، الإصحاح الأوّل 7 ) .
والمُتع في عالمنا هذا مؤقّتة ، وفي نهاية المطاف ، نشعر دائماًً بالخلو ّ . وقد قال الإسكندر الكبير ملك اليونان ، الّذي تمتّع بجميع ملذّات الحياة : " عندما أموت ، إفتحوا يديّ فسترون أنّها خالية تماماًً وفارغة .
وبالعكس من الملذّات الّتي نشعر بها في عالمنا هذا ، فإنّ الخير الّذي ينكشف إلينا في العالم الروحاني هو أبديّ . ولنفكّر بُرهةًً في أكبر ملذّة يُمكن أن نتصوّر وفي جميع أنواع الملذّات والمتع في عالمنا – إنّ أصغر ملذّة روحانيّة هي عشرة أضعاف الملذّات بأجمعها ، ولكن هذه الملذّة العظيمة مخفيّة عنّا . والخطّة الّتي تهدينا إليها هي ، كما ذكرنا سلفاًً ، هي حكمة القبّالة .
الركوب على الشُعاع
طيّب ! الخطّة موجودة . والسُؤال هو ، ماذا يجب أن نفعل ؟ ولنبدأ بالذات بما لا يجب أن نفعل. لا يجب علينا أن نفعل أيّة فعلة خارجيّة في اليدين أو في الرجلين . فما العمل ؟ القراءة في كُتُب القبّالة والرغبة في الكشف عن الخير الموعود . وهكذا ، من دافع رغبتنا للكشف عن الضوء الّذي سوف يملئنا ، الضوء يفعل فعله علينا ويجذبنا إليه .
وكيف يتمّ كلّ هذا ؟ القبّاليّون يصفون في كتبهم الحالة المثاليّة الّتي تملئنا بكلّ ما لذّ وطاب كما وُعِدنا . ولذلك ، فإنّنا عندما نقرأ كتبهم ونتطلّع إلى الوصول إلى هذه الحالة المثاليّة – نستمدّ منها الوحي والفيض من النور الّذي يخصّنا .
وهذا الوحي – الّذي يُسمّى " الشُعاع الّذي يحثّ على التصحيح" - يوجٍّهنا شيئاََ فشيئاََ إلى العالم الروحاني ، وهواجسنا تبدأ بالدوران أكثر وأكثر حول إزاحة الستار عن العالم الروحاني . وهكذا نتقرّب إلى الضوء ، والضوء يجذبنا إليه .
الحاخام القبّالي "باعََل هسّولاّم" ( أي : صاحب السُلّم ) كتب في كتابه " صلة الإنسان بدرجات النبل والخلق " : وعندما يضيء النور السامي قلوبنا من الداخل ، القلوب تتقوّى وتزداد قوّة ".
جهد صغير ، ملذّة كبرى
إنّ الإنسان الّذي يقرأ كتب القبّالة من خلال رغبته أن يجذب اليه الشعاع الّذي يحثّ على التصحيح ، يدنوا تدريجيّاََ من الخير ومن الملذّة الأبديّة . في بداية الأمر ، لا يشعر الإنسان بهذه الملذّة ، إلاّ بعد أن يفعل النور فعله . والجهد الّذي يُطلب منّا هو صغير ، ولكن الملذّات الّتي نوعَد بها كثيرة ولانهائيّة . ألإرادة ، والإرادة فقط ، هي كلّ ما يُطلب منّا .
هل تعلم ؟
ما هي الكتب الّتي تجذب إلينا الشعاع الّذي يحثّ على التصحيح ؟ بوسعنا أن نجذب إلينا أعظم ضوء مُمكن بواسطة قراءة كُتب الحاخام القبّالي
" باعَل هسّولاّم " الّذي لائم حكمة القبّالة تمشّياًً مع أغراض أيّامنا هذه .
نقلها إلى العربيّة : أبراهام غبعون
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ماذا تعلم كتب القبالاه ؟
كتب القبالاه تعلم هيكلية العوالم الروحية ، وكيف يمكن لكل واحد منا أن يصل الى هناك. كتاب القبالاه هو بمثابة الدليل لك. إذا أردت السفر الى إحدى المدن الجديدة، فانك سوف ترغب باستخدام دليل سياحي ليخبرك عن أفضل الاماكن التي ستريد الذهاب لمشاهدتها، أفضل المقاهي و النوادي، وسيخبرك عن الاماكن التي لا تذهب لرؤيتها لانك لن تحب ما ستجده هناك.
وبالمثل كتب القبالاه تخبرك كيف بنيت العوالم الروحية ، وأي " الاماكن " التي هي أكثر متعة ، او التي لا تكون ممتعة. وهذه الاماكن ليست مادية ملموسة، ولكنها روحية ، والتي يجربها أي مقبول.
شيء آخر أن كتب القبالاه تخبرك كيفية إيجاد الروحانية الواقعية ، إذا كنت ترغب في الذهاب الى مكان ما في هذا العالم، انت في حاجة الى خارطة المكان ، ودليل لدراسة المكان نفسه. في الروحانية ، فان كتب القبالاه ستفعل كل شيء من أجلك - " تظهر" لكم أين هو العالم الروحي ، " تأخذكم" الى هناك ، ويعرضها من حولكم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عالمًُُ مخفيُُّ
لقد طوّرت الإنسانيّة على سياق الأجيال ، علوم مختلفة كالفيزياء والكيمياء وعلم الحياة للبحث والتنقيب عن نفسها وعن العالم الّذي يحيط بها . وهذه العلوم تُسمّى العلوم الطبيعيّة وقد نمت وحُسّنت على أساس الحواس الخمسة للإنسان . ولقد إخترع الإنسان أدوات تُمكّنه من توسيع مدى حواسّه . وهكذا تدريجيّاََ ، من جيلِِ إلى جيل ، كدّس الإنسان التجارب وتمكّن من تبصّر هذا العالم والعيش فيه . وهنالك علم آخر -من ضمن جميع العلوم - يُطوّر الإنسان بصورة مُختلفة غاية الإختلاف ، وهذا العلم يُدعى " علم القبّالة " .
وفيما وراء العالم الدنيوي الّذي نبحث فيه ، هنالك عالمُُ آخر مخفيُُّ ، ونحن نشعر بوجوده ، بصورة حدسيّة ، بالرغم من إنّنا لا نراه . لماذا نفترض وجوده في حين إنّنا لا نشعر به بحواسّنا ؟ لأنّنا نكتشف قوانين خصوصيّة ، ألّتي هي جزءُُ من وجود أكثر إتّساعاََ ، ونحن نفهم أنّّه يجب أن تكون هناك قوانين عامّّة أكثر منطقيّةََ تُعلٍّل وتُوضّح وجودنا في هذا العالم بصورة شاملة تُلإئم وواقع الحال . أي : هنالك شيأًً ما لا ندركه ، يفلت من قدرتنا بالشعور .
هل صحيح أن هناك ظواهر في هذا الوجود ، لا ندركها ولا نعرفها ؟ نعم !! إنّنا نعيش في عالم ، كل شيء يحدث فيه بالصدفة وبصورة عرضيّة لا تُمكّننا من التكهّن . إنّنا لا نعرف ماذا سيحدث غداًً ، لا نعرف ما كان لنا قبل أن نولد ، وماذا سيجري بعد موتنا . ونحن لا نستطيع ان نتخيّل ماذا ستكون نتائج أعمالنا ، ومع ذلك كلّه ، فإنّنا نوءثّر على العالم الّذي يحيط بنا .
هنالك ، إذاًً ، شيأًً ما ، يحيط بنا ، لا يُدرك ولا يُشعر به . فكيف يمكن أن نشعر به طالما نحن نفتقد الحواس الملائمة ؟ وهل يمكن أن ننتج هذه الحواس أو نكتسبها ، ألأمر الّذي يمكّننا من الشعور بخُلقِِ أكثر كمالاًً ؟
ومن الممكن أن يكون هذا الخلق موجود حوالينا كاملاًً غير منقوص بكل طبقاته ومداميكه ، ولاكنّنا - بما إنّنا نفتقد الحواس الملائمة - نقسمه الى طبقتين : الطبقة المشعور بها ، وتُسمّى " عالمنا : أو " هذا العالم " ، وطبقة غير مشعور بها ، أو بالأحرى ، طبقة ما زلنا نفتقد القدرة للشعور بها . ولو كانت لدينا حواس أُخرى لكُنّا نشعر بهذا العالم بصورة مختلفة ، أكثر سعةًً وعمقاًً . وبما إنّنا لا نملك حواس كهذه ، فإنّنا نعاني العذاب الأليم ، لأنّنا لا نعلم كيف نتصرّف مع بعضنا البعض ومع الطبيعة الّتي تُحيط بنا ، لا ندرك تناسخ الأرواح ـ الحياة بعد الموت وقبل الولادة . وعندما نبحث هذا العالم بحثاًًً علميّاًً ، فإنّنا نصل الى مرحلة تتوقّف فيها معلوماتنا ونواجه طريقاًً مسدوداًً ، لا طاقة لنا باجتيازها . وفي الواقع ، هنالك الكثير من المناهج الّتي تُحسّن ، بصورة جزئيّة قدرتنا للتكهّن والتخمين ، وتَجاوُز حدود حواسّنا . ولكن ، في الحقيقة ، هذه المناهج لا تُفيدنا الكثير ، لأنّنا نبقى دائماًً في نطاق التكهّن الغامض ولا نستطيع الوصول الى العلم اليقين والإدراك التام ، ويمكننا الوصول اليهما بواسطة التعاون مع العالم الّذي يحيط بنا .
والإنسان هو مخلوق متطوّر ومتقدّم ، وبالرغم من تطوّره وتقدّمه فهو يشعر كأنّه لا حول له ولا قُوّة . ضالّ وتائه . ومن الواضح إنّنا لم نصل إلى النتائج المرموقة بواسطة التطوّر العلمي والبحث في هذا العالم ، ولذلك فيجب علينا أن نعترف بالأمر الواقع ألا وهو : إن حل المشكلة موجود في نطاق الحواس الّتي نفتقدها .
وهنالك منهج مُتقن يُمكّننا من تطوير حاسة إضافيّة تُسمّى بالحاسة السادسة أو "ستار " أو " النور الراجع " ، تمنحنا القدرة من الرُؤية والشعور بذلك الجزء من الكيان الّذي لا نستوعبه بحواسنا الخمس العادية . إنّنا نتلقّى الحواس العادية منذ الولادة ، وأمّا بالنسبة للحاسة السادسة ، فيجب علينا أن نُطوّرها بنفسنا بصورة تدريجيّة .
يتلقّى الإنسان فجأةًً " رسالة " أو " منشور " من السماء ، ألأمر الّذي يدفعه بالشعور بكيان أكثر توسّعاًً ، وهكذا تتولّد به الحاجة لتطوير الحاسّة السادسة ، ويحدث هذا بصورة تدريجيّة . إن الإنسانيّة تتطوّر على مر العصور والأجيال ، وإراداتها تتغيّر ، وكذلك إرادات الفرد تتغيّر هي أيضاًً بالملاءمة : ففي المرحلة الأُلى ، ترمي إلى الّذّات الجثمانيّة ـ شأنها بذلك شأن البهائم ـ كالطعام والعائلة والعلاقات الجنسيّة وهلمّ جرّاًً ، وبعدها ، ألّذّات الإنسانيّة ككدس الأموال ، ألإمساك بزمام الأمور ، ألشرف والمعرفة ، وبعد هذا كلّه ، تظهر عند الإنسان الإرادة للحصول على الكيان الأعلى والإدراك بالماهية الّتي لا تُدرك بالحواس الإنسانيّة .
وهذه الحاجة الجوهريًة للشعور بالعالم الخارجي ، تُسمًى " جنين " الحاسة السادسة . ومن هذه المرحلة فصاعداًً ، تكون الأمور منوطة بالإنسان نفسه . وتطوير هذه الحاسة يتمكًن فقط بواسطة خطًة مخصوصة أُرِثت للإنسانيًة وتُسمًى " حكمة القبًالة " . وهناك أُناس في كل جيل يتلقًون من السماءالحاجة لتطوير الحاسة السادسة ، وبعدها، يصلون إلى أساتذة ومرشدين وأسفار تتيح لهم تطوير هذه الحاسة داخلهم . وهؤلاء الأساتذة يُسمًون " قبّاليّين " ( مُنشقّة من كلمة " قبّالة " ) لأنّهم يتلقّون أو يتقبّلون هذه المعرفة العُليا الموجودة خارج نطاقنا . وفي كتبهم ، يصفون لنا هؤلاء القبّاليّون معرفتهم ، شعورهم ، إنطباعاتهم وتجاريبهم وكذلك يوضّحون لنا المنهج الّذي يتيح لنا بناء وتطوير الحاسة السادسة ، لكي نتمكّن نحن أيضاًً من الوصول إلى مستواهم الروحاني المرموق . إنّهم يُحدّثونا عن كيفيّة الوصول إلى الرغبة لإدراك الكيان الحقيقي والحصول عليه ، بعد أن حقّقنا جميع إراداتنا للّذات الدنيويّة كالغِنى والوقار والثقافة والتسلّط وغيرها . وفي نهاية المطاف ، يجب على كل فرد ، في مرحلة ما من مراحل تناسخ الأرواح ، ونتيجةًً لصروف الدهر أن يصل إلى حالة يعيش فيها ، بصورة مُتزامنة ، بجميع طبقات الكيان وأن يشعر بهذا الكيان ليس بواسطة الحواس الخمس وحسب ، مثلما يشعر به الجميع ، بل عن طريق حاسّته الإضافيّة الّتي تُمكّنه من الحياة ، السكينة وهدوء البال الكامل .
وتطوّر هذه " الألة " الداخليّة الّتي تُسمّى الحاسة السادسة يتم في الجنس البشري على ترتيبة " السابق المستمر " أو على مبدأ الهرم المدرّج الّذي تُبنى بموجبه البشريّة. ووفقاًً لهذا المبدأ ، تنبعث الحاسة السادسة ، في بداية الأمر ، في صنف معيّن من الناس الموجودين في قمّة الهرم ، وهؤلاء الناس يُسمّون "عبريّين " منشقّة من كلمة "عبور " أو إجتياز الحاجز إلى الدائرة الخارجيّة في عالمنا . ولقد كان إبراهيم الخليل عليه السلام ، أوّل من عبر من الشعور الدنيوي المحدود إلى الشعور بالعالم الأعلى السماويّ . ولأنساله الأولويّة في تطوير الحاسة السادسة .
وهذه هي بداية التطوير ، ويتبعها ما قيل في أسفار الأنبياء وفي كُتُب القبّاليّين ، أنّه في يوم القيامة ، ستضطر البشريّة بأجمعها أن تصل إلى هذا المستوى العالي من التطوير ، أي : الشعور بالكيان الكامل والإنضمام إلى الإرادة العُلويّة وتفهّم تناسخ الأرواح وتقمّصها والعبور إلى بُعد الزمان في الحياة والموت والعيش في جميع مداميك الموجوديّة .
ولقد أشار جميع القبّاليّون إلى أن عصرنا هذا ،إنّما هو نقطة تحوّل ألّتي منها تكيّف الجماهير العريضة ألمجال الروحانيّ ، وتعمل من أجل تطوير الحاسّة السادسة . ولقد كانت جميع الأجيال السابقة بمثابة تهيّؤ واستعداد الى نقطة التحوّل هذه ، في مرحلة تُسمّى " إنزال الأرواح " . وفي هذه المرحلة تنزل الروح من مقامها السامي أي من العالم ألاّنهائي وتجتاز عوالم كثيرة إلى أن تصل إلى عالمنا هذا . وبعدها ، تستمر في التدهور عٍبر الأجيال ، تمر بخراب الهيكل الأوّل ، خراب الهيكل الثاني ، والجاليات الأربع . وفي عصرنا هذا ، إنتهت الجالية الأخيرة ومن هنا فصاعداًً ، ترتفع الأرواح بصورة دائمة ومستمرّة .
ولقد حضّر لنا القبّاليّون منهج أو خطّة لترفيع الأرواح ومن واجبنا أن نحضّر، نحن بدورنا ، أرواحنا لكي نكون في طليعة نظام الأرواح العامّة ( من بين جميع الأرواح ألّتي نزلت إلى هذا العالم ) للإرتفاع والترقّي مع تلك الألة الّتي ذكرناها سابقاًً .
ومن طالع مؤلّفات الحاخام القبّالي إسحاق لوريا ( الملقّب :ها آري 1534-1572 ) ، وكُتُب الحاخام القبّالي ( باعل هسّولاّم ) ، فسيجد كلّ شيءِِ مكتوب هناك بصورة بسيطة وواضحة . وهذا هو السبب في إن حكمة القبّالة تبدأ - في عصرنا هذا بالذات-أن تكون أكثر كشفاًً وشهرةًً ، وذلك بالرغم من أن الأقلّيّة فقط تدرك ما هي محتوياتها ، ولماذا تُسمّى علماًً، ولماذا تكون مكتومة ، ولماذا تظهر بطرقِِ معيّنة إلخ .
والجاذبيّة نحو حكمة القبّالة هي أمرُُ ملموس ، وذلك لأنّ القبّاليين أشاروا إليها في الأجيال السابقة .
ومن يشعر بحاجة ماسّة لتفهّم الموجوديّة العليا ، فيجب عليه أن يبدأ بتطوير ما يُسمّى (بّؤْرته القلبيّة) ، إلى أن تتحوّل إلى حاسّة سادسة وذلك بواسطة خطّة القبّالة ألّتي طوّرها القبّالييّون . وهذه المرحلة تستغرق عدّة سنوات (ما بين 5 إلى 6 سنوات ).
وتنموا الحاسّة السادسة وتتطوّر بصورة تدريجيّة حتّى يشعر صاحبها بالعالم الخارجي وهو عالم الأسباب ، حيث تُضاف إليه رُؤْية مُتقنة ومضبوطة تُمكّنه من إدراك ما يحدث في عالمنا هذا ، فهو يرى تشكيلة الأسباب : إلى أين تُؤدّي أفعالنا ، قوّاتنا ، إراداتنا وأفكارنا .
هذا ما يراه الإنسان بواسطة الحاسّة السادسة فقط ، وليس بالحواسّ الخمس . إنّ (الأَنا ) الإنساني ، ( ما يتعلّق بماهية الإنسان ) يُشعر به بالحاسة السادسة . وفي اللحظة الّتي تتطوّر هذه الحاسّة بالإنسان ، فهو يبدأ بالشعور بما يُسمّى ( الروح ) .
وعندها يحصل الإنسان على جزائه بصورة مُضاعفة : فمن الناحية الأُلى ، "يرى " الأفكار والإرادات ، ويدرك كيف تنتقل هذه الأفكار منه إلى الأخرين ، وما هو مدى تأثير أفكار الأخرين عليه ، وكيف يتم كلّ هذا بالواقع ، وما هي شيمة العلاقات المتبادلة بينه وبين الطبيعة . ومفهوم الزمان (كما يُشعر به في هذا العالم ) يتلاشى عنده ، ألأمر الّذي يُمكّنه من رُؤية ما يدور حوله بصورة واضحة وجليّة ؛ فيكون في استطاعته أن يرى الماضي ، الحاضر والمُستقبل في آنِِ واحد وبالمفهوم الحقيقي لمُصطلح (الزمان) .
ومن الناحية الثانية ، يكتسب القدرة في تقييم ما يدور حوله ، وما هو أكثر أهمّيّةًً ، فهو يكتسب القدرة في التأثير على القيادة العُليا - الّتي يتصرّف بموجبها هذا العالم- وهو بذلك يُؤثّر على الجميع من العالم الخارجي . وهذا يعني أنّ بوُسعه ليس فقط التكهّن والتنبّؤ ، بل تغيير المُستقبل وتصميم الغد . وهذه الطاقة تظهر في الإنسان عندما يتخلّص من طبيعته ، ويبدأ بالتفكير بمصطلحات العالم الأعلى .
وكلّ هذه الأمور هي أمور حقيقيّة ملموسة . وبوسع كلّ فرد - بدون أيّ مُستثنى - أن يكتسبها . ولقد صُمّم القانون العام الّذي تتصرّف بموجبه الخليقة والطبيعة ، بحيث يكلّفنا بالتقدّم نحو هذا الحال . وفي الواقع ، إن الإنسانيّة باجمعها تتقدّم نحوه ، ولكن بدون أن تدرك بالحسّ . وبالعكس ما يحدث في المجتمع ، فإن الفردالّذي يتقدّم نحو هذا الهدف بمحض إرادته - لكي يحصل على الكيان الحقيقي والحياة الروحانيّة -لا يشعربألم أو عذاب نتيجة ضغط الطبيعة عليه ، ويرى أنّ الكوْن مليءُُ بالخير وليس بالشرّ .
ـــــــــــــــ
ألتطوّر الصحيح
إنّ تطوّر البشريّة على أساس أناني ( "من أجلي أنا" ) ، أدّى إلى تكوين فارق كبير بين المُستوى الأخلاقي للبشريّة وبين مُستواها التكنولوجي . وهذا هو بالضبط الأمر الّذي خشاه أريسطوطال وأفلاطون عندما حظروا تدريس العلوم على من لم يحصل على المُستوى الأخلاقي اللاّئق . ( أنظر "مقدّمة للوجه البشوش" للحاخام القبّالي يهودا أشلاغ ) .
هل هناك علاقة بين المُستوى الأخلاقي للإنسان ( أي نيّته ) وبين قُدرته العلميّة ؟ بالطبع ! لأنّه في حالة انعدام النيّة الّتي تعمل في اتّجاه تجلّي الخالق ، ( أي من أجل الإحراز على غاية الخليقة ) ، لا يمكن ـ بواسطة البحث العلمي ـ إدراك القوانين الطبيعيّة أو القوانين الإجتماعيّة بصورتها الحقيقيّة ، بل بصورتها الضيّقة ومن وجهة نظر مُعيّنة ، وننظر إلى مفعولاتها في عالمنا الضيّق من خلال زاوية حادّة ، وذالك لأنّنا نبحث بوسائط أنانيّة ( من أجلي أنا ) ومن ثمّ فإنّنا نستوعب جزءًً ضئيلاًً من مجموع تفاصيل الظواهر الّتي تحيط بنا .
كلّ قانون يكون ساري المفعول في جميع مجالات الحياة ، سواءُُ في هذا العالم وفي العالم الروحانيّ . ولكنّنا نستطيع أن نراه ونشعر بمدى مفعوله ، بشرط أن نكون نحن وشعورنا في داخل هذه المجالات الّتي تحتوي على الخلق بأجمعه . وهذا يعني أنّه يجب علينا أن نكون ذوو ميّزات تُلائم ميّزات حيّز الوجود ، أي : ميّزات الإيثار (حبّ الغير ) والهبة ، وهي من صفات العوالم الروحانيّة .
هل ميّزات الإنسان تُسبّب في تغيير قوانين الطبيعة وميّزاتها ؟ كلاّ ! إن سجايا الطبيعة لا تتغيّر أبداًً ، وكذلك لا يحدث أيّ تغيير في التفاعل والتأثير المُتبادل بين قُوّات الطبيعة المُختلفة ، إنّما الطبيعة تتجلّى بعدّّّّّّة صُور وأشكال ، وفقاًً لميّزات الباحث الّذي يدرسها . الطبيعة تّرى للباحث من وُجهة نظر مُختلفة وليس كقانون آخر.ألإنسان يتفهّم ما يستوعبه ويشعر به بواسطة حواسّه الخمس فقط ، وهذا يعني أن شعور الإنسان هي شخصيّة وخصوصيّة ، وبما أنّ لمعشر الخلق طبيعة مُتجانسة ،
فالناس يستوعبون قوانين الطبيعة بصورة مُتطابقة .
يجب علينا أن نتغيّر . وهذه هي العمليّة الوحيدة الّتي بوُسعنا أن نعمل . فالطبيعة لا تتغيّر ، كما قُلنا أعلاه ، ونتيجة تغيّر الإنسان هي شعوره بصورة مُختلفة بالقوانين الدائميّة للطبيعة .
ومن المُدهش ، إنّ الإنسان يعتقد بـأنّه يُغيّر الأشياء الّتي تحيط به ، ولكن بالفعل لا يتغيّر شيئاًً سواه ! وهذا التحوّل الّذي يتجاوزه يجعله يشعر وكأن الطبيعة نفسها قد تغيّرت .
وما هي الطبيعة ؟ وما هي قوانين الكيمياء والفيزياء وقانون القوّة الجاذبيّة وغيرها ؟ هل تتغيّر هذه القوانين وفقاًً لميّزات الإنسان ؟ كلاّ ! إنّ ما يتغيّر هو الشكل الّذي يدرك به الإنسان قوانين الطبيعة ، وليس ما تفعله هذه القوانين . ألإنسان يشعر بتغيير في إحساساته فيتوهّم بأن التغيير يحدث في مُحيطه . والسبب في ذلك هو إعتقاده بأنّه مركز الخليقة الّذي لا يتغيّر .
والإنسان ، عندما يُغيّر ميّزاته ، يصبح قاب قوسين أو أدنى من حالة الكمال الأبدي ، ويشعر بهذه الحالة بصورة واضحة وجليّة . والتطوّرات الوحيدة الّتي تحصل في أجهزة الخليقة هي تطوّرات التغيّر الداخلي في ميّزات الإنسان ، ونتيجة هذه التطوّرات هي شعور الإنسان وكأنّ الإرادة العُليا قد تغيّرت نحوه .
ولذلك ، يجب علينا أن نعرف كيف نُغيّر ميّزاتنا الداخليّة ، لكي نستطيع أن نُغيّر قوانين الطبيعة لصالحنا . وعندما نعرف كيف نفعل هذا ، فستكون النتيجة جيّدة بالتأكيد وسيكون مُستقبلنا أحسن من ماضينا . وحسب جكمة القبّالة ، هذا التغيّر منوط بأنّنا لا نتصرّف بصورة أنانيّة .
ومع تطوّر العلم ، إكتشف العلماء بـأنّ الإنسان قادر على التأثير على ظواهر الطبيعة . ويُقال أنّ نتائج الإختبارات العلميّة منوطة بالميّزات الشخصيّة للباحث . فما عسى يكون فحوى هذا الأمر ؟ يقولون أنّ نتائج الإختبارات العلميّة " الدقيقة " تتأثّر بشخصيّة العلاّمة الّذي يُقيمها . وبطبيعة الأمر ، توجد إختبارات أُخرى أكثر خشناًً ونتائجها لا تتعلّق بالباحث . أي : سيّان إذا كان الباحث صدّيق أو شرير - ستكون النتيجة واحدة . ولكن ، الطبيعة تحتوي على ظواهر أكثر نعومة ودقّة من المادّة ، ونتائج البحث فيها تتعلّق بالميّرات الشخصيّة للباحث .
وسوف نكشتف في القريب العاجل بأنّ تزويد العلماء بالأدوات ـ وحتّى لو كانت هذه الأدوات في غاية الإتقان والدقّة ـ لا كفاية فيه ، بل هنالك حاجة ماسّة لعُلماء متمرّنين بوسعهم التأثير علىالطبيعة بصورة صحيحة . إنّنا جميعاًً نُؤثّر على الطبيعة بمحض وجودنا فيها ، والسؤآل هو : ما هو التأثير الصحيح الّّذي يجب أن نمارس . ومن المُحتمل أنّه في مرحلة التطوير القادمة ، لن يحتاج العلم إلى أدوات ميكانيكيّة ، ألكترونيّة ، كهربائيّة ، بصريّة أو أجهزة للتصغير والتكبير ، بل ستكون الآلة هي الإنسان نفسه ، الّذي يبحث هذا العالم ويعرف كيف يُؤثّّر عليه بصورة صحيحة بحيث يغلُّ التأثير بالنتائج المرغوبة فيها .
ولكن ، كيف نعرف ما هو التأثير الصحيح ؟ وما هو العلم الّذي يبحث العلاقات بين تأثير الإنسان على الطبيعة وبين الأثمار الّّتي يحصل عليها من الطبيعة نتيجة هذا التأثير ؟ إنّه علم القبّالة !!
وعن طريق علم القبّالة يتعلّم الإنسان كيف تُسبّب عمليّاته في الموجوديّة وتأثيره عليها في ردّ فعل هذا أو ذاك . وكما هي الحالة في العلوم الأُخرى ، تُستعمل في علم القبّالة أيضاًً إصطلاحات مُعيّنة ودقيقة ، ولُغة القبّالة هي لُغة علميّة للغاية .
وفي البحث العلمي ، إنّ ما نريده من الطبيعة الّتي تحيط بنا هو الحصول على المعلومات الضروريّة لكياننا وعلى الأشياء الّتي نحتاج إليها ، وسيكون بوسعنا ، في القريب العاجل ، أن نحصل على هذه المعلومات والأشياء بمجرّد ممارسة وتطبيق ميّزات الإنسان نفسه في الطبيعة ، بدون أن يفتقر إلى كافّة الأجهزة والأدوات الّتي اخترعها بنفسه .
وتعلّمنا حكمة القبّالة الميّّّزات الّتي تتيح للإنسان البحث في الموجوديّة بصورة صحيحة ، وتساعده على اكتساب هذه الميّزات الضروريّة الّتي تُسمّى "الميّزات الروحانيّة " والّتي تُؤدّي إلى التأثير على العالم . وحكمة القبّالة تكشف للإنسان عن كنه الأمور وتعلّمه كيف يتمكّن من التأثير الإيجابي على الخليقة والحصول على أحسن نتيجة ممكنة . وطريقة تأثير الإنسان على محيطه تُسمّى " النيّة" .
والقبّالة ، إنّما هي علم إدارة الموجوديّة . أي : كيفيّة توجيه العالم إلى الإتّجاه المرغوب فيه . وطالما تطوّرت الإنسانيّة بدون اندماج الإنسان في إدارة الموجوديّة ، فالعالم ينحطّ ويقع إلى حالة الأليمة والعذاب وانعدام اليقين . ولهذا ـ وفي هذا الوقت الراهن ـ حكمة القبّالة هي حاجة ماسّة بالنسبة للإنسان .
هذا ، ولم يبحث أحدُُ بعد ، بشكل علميّ ، في إمكانيّات ضبط مصير الإنسان ـ ما عدا القبّاليّون ، والسبب في ذلك هو إنّ التأثير على جهاز إدارة الموجوديّة يتمّ بواسطة حكمة القبّالة فقط . وهذه الحكمة هي الوحيدة الّتي تكشف الغموض عن هدف الخليقة وعن كيفيّة الوصول إلى هذا الهدف . وهذه المواضيع هي من ماهية حكمة القبّالة ، وما يفعله الإنسان للتأثير على جهاز الإدارة يُسمّى " النيّّات " ، والإنسان يكتسب هذه النيّات بواسطة حكمة القبّالة فقط .
وحكمة القبّالة ، إنّما هي كشف !! . الكشف عن القوانين والأجهزة العامّة للموجوديّة . وبالنسبة للأنسان الّذي يعيش في هذا العالم ـ هي كشف الخالق لمخلوقاته . وهذا الكشف يُمكّن الإنسان من التقرّب ممّا فيه الفائدة والإبتعاد ممّا يضرّ . أي : معرفة أسباب الخير والشرّ .
وهدف درس علم القبّالة واستعماله ، هو الحصول على أحسن نتيجة ممكنة بالنسبة
للإنسان . وهذا الهدف هو بسيط وواضح : الوصول إلى حياة السعادة والطمئنينة ، سواءُُ مع الجسم المادّي أو بدونه ! أي: الوصول إلى الحياة الكاملة والأبديّة ، وهذا ما يبحث عنه الجميع .
وحكمة القبّالة تُعلّمنا أيضاًً كيفيّّة إدارة جهاز الخليقة العامّة . وعالمنا هذا ، إنّما هو جزءُُ صغير من مجموعة أجزاء الخليقة . ومثلما يبحث العُلماء ظواهر وقوانين هذا العالم المادّي الّذي يدركها الإنسان بحواسّه ، يُحاول العُلماء القبّاليّون البحث والتنقيب عن الموجوديّة الّتي لا تُدرك بالحواس ، وعن قوانينها .
وهذا البحث وذاك التنقيب ضروريّان للجميع للأنّنا الجزء الفعّال الوحيد في الموجوديّة. والوسائل العادية تُمكّننا من الكشف عن جزء ضئيل من الموجوديّة الّتي تُحيط بنا ، بينما تُمكّننا حكمة القبّالة من التعرّف على الموجوديّة بأكملها وإدارتها .
الفلكى\احمد شاهين