-كنت عند أحد يعمل في خزانة السلاح للمعتمد وكنت قائماً بحضرة الموفق، في عسكره لقتال صاحب الزنج،وبحضرته أبو معشر، ومنجم آخر، أسماه أبي وأنسيته أنا.
فقال لهما: خذا الطالع في شيء أضمرته منذ البارحة، أسألكما عنه، وأمتحنكما به، وأخرجا ضميري.
فأخذا الطالع، وعملا الزايرجه، وقالا جميعاً: تسألنا عن حمل ليس لإنسي.
فقال: هو كذلك، فما هو؟
قال: ففكرا طويلاً،ثم قالا: عن حمل لبقرة.
قال: هو كذلك فما تلد? قالا جميعاً: ثور.
قال: فما شيته? فقال أبو معشر: أسود في جبهته بياض.
وقال الآخر: أسود وفي ذنبه بياض.
قال الموفق: ترون ما أجسر هؤلاء، أحضروا البقرة، فأحضرت وهي مقرب.
فقال: اذبحوها، فذبحت، وشق بطنها، وأخرج منها ثور صغير أسود، أبيض طرف الذنب، وقد التف ذنبه، فصار على جبهته.
فتعجب الموفق، ومن حضره، من ذلك عجباً شديداً، وأسنى جائزتيهما. قال: وحدثني أبي، قال: كنت أيضاً بحضرة الموفق، وهذا المنجم، فقال لهما: معي خبيء، فما هو? فقال أحدهما، بعد أن أخذ الطالع، وعمل الزايرجه، وفكر طويلاً، وقال: هو شيء من الفاكهة. وقال أبو معشر: هو شيء من الحيوان.
فقال الموفق للآخر: أحسنت، وقال لأبي معشر: أخطأت، ورمى من يده تفاحة.
وأبو معشر قائم، فتحير، وعاود النظر في الزايرجه، ساعة، ثم عدا يسعى نحو التفاحة، حتى أخذها، فكسرها، ثم قال: الله أكبر، وقدمها إلى الموفق فإذا هي تنغش بالدود.
فهال الموفق من إصابته، وأمر له بجائزة عظيمة.
عن كتاب " فرج المهموم فى علم النجوم "